Admin Admin
عدد الرسائل : 539 العمر : 36 السنة الدراسية : عام الشعبة : ---- نقاط : 675 تاريخ التسجيل : 04/03/2009
| موضوع: من أجمل القصائد لادجار الان بو الثلاثاء مارس 10, 2009 2:52 am | |
| قصيدة "الغراب" .. للشاعر الأمريكى ..إدجار آلن بو
فى ليلة موحشة كئيبة، بينما كنت أتأمل، منهوك القوى وواهناً، ركام المعارف التقليدية المنسية والمثيرة للتعجب، وبينما أثقل النعاس جفنى وتمايل رأسي، أخذتنى سنة من النوم تقريباً فجأة جاء صوت خبط ونقر هناك، كما لو كان أحد يطرق بلطف، يطرق باب غرفتي. "زائر ما" تمتمت، "طرق على باب غرفتى - هذا كل ما فى الأمر ولا شيء أكثر من هذا". آه، أتذكَّر بوضوح أنه كان فى ديسمبر/كانون الأول الشديد البرودة، وكل جذوة كانت تحتضر على حدة تاركة رُفاتها الشبحى فوق أرضية الغرفة تمنيت الإصباح بلهفة، - حاولت عبثاً أن ألتمس العون من كتبى لأوقف مؤقتاً هذا الحزن - الحزن على الفقيدة "لينور" - العذراء النادرة والمتألقة التى تُسميها الملائكة "لينور" - فلا اسم لها الآن وإلى الأبد هنا. والحفيف المجهول للحرير الداكن للستارة الأرجوانية أرعدنى - ملأنى بأشكال من الرعب الهائل الذى لا مثيل له ولم أشعر به من قبل؛ لذلك الآن، ولكى أُهدئ من ضربات قلبي، وقفت أردد وأكرر "هذا زائر ما يتوسل للدخول أمام باب غرفتى - زائر متأخر بعض الشيء يتوسل للدخول أمام باب غرفتي؛ - ولا شيء أكثر من هذا". الآن صارت روحى أكثر قوة ؛ ولم أعد متردداً، "سيدي"، قلت. "أو سيدتي"، "ألتمس الصفح عني"، ففى الواقع أننى كنت فى غفوة بعض الشيء، وبشكل مهذب لطيف جاء الطرق على باب غرفتي، كان الطرق واهناً جداً وبشكل ضعيف جداً على باب غرفتي، لدرجة أننى كنت بالكاد قد سمعت شيئاً منه - الآن أنا فتحت الباب على اتساعه - هناك ظلمة ولا شيء أكثر من هذا. حدَّقت فى عمق هذه الظلمة - وقفت طويلاً هناك متعجباً، خائفاً، شاكاً، أحلم أحلاماً لم يجسر بشر على أن يحلم بمثلها من قبل؛ لكن الصمت كان متواصلاً، والسكون لم يعط أية إشارة، والكلمة الوحيدة التى لُفِظت كانت الكلمة الهامسة "لينور! " هذا ما همستُ أنا به، وهمهمة الصدى أعادت الكلمة، "لينور! " - ليس سوى هذا ولا شيء أكثر من هذا. استدرت عائداً إلى غرفتي، وكل ما هو بغيض فى داخلى يشتعل، سمعت بعد فترة قصيرة نقراً، شيء ما أكثر علواً فى درجة الصوت مما سبق. "بالتأكيد" قلت، هذا شيء ما على مشربية نافذتي، دعنى أرى إذن، ما هو هناك على هذه المشربية وأحاول استكشاف اللغز - فليهدأ قلبى للحظة وعندئذ أكتشف اللغز - "إنها الريح ولا شيء أكثر من هذا". هنا فتحت مصراعى النافذة بدفعة قوية، وعند ذلك وبعديد من رفرفة الجناحين السريعة، وجدته هناك يخطو وينتصب فى مهابة، غراب من أيام الماضى الخوالى المقدسة؛ لم ينحنِ أقل انحناءة لتحيتي؛ لم يتوقف حتى لدقيقة أو يبقى هناك؛ لكن، بهيئة "لورد" أو"ليدي"، ربض فوق باب غرفتى - فوق تمثال نصفى لـ "بالاس"(1) بالضبط فوق باب غرفتى - جثم وجلس، ولا شيء أكثر من هذا. ثم استدرج هذا الطائر الأبنوسى أفكارى الحزينة إلى الابتسام، عن طريق قوة وصرامة الرزانة الوقورة التى كان يرتديها، "مع ذلك عُرفَك مقصوص ومُجتثٌ، يا هذا"، قلت، "وأنت واثق لست كغراب، عتيق مفزوع وشبحى حقير جاء متسكعاً من الساحل الليلى - قل لى ما هو اسمك المُبجل فى الشاطئ الجحيمى الليلي!" قال الغراب، "أبداً". تعجبت كثيراً كيف لطائر أخرق بسماع حديث بهذه السهولة، ومع ذلك كانت إجابته قليلة المعنى - قليلة الصلة بالموضوع مضجرة؛ لعدم مقدرتنا على الموافقة على أنه لا يوجد إنسان يكون سعيداً أبداً حتى الآن برؤية طائر فوق باب غرفته - طائر أو وحش على تمثال نصفى منحوت فوق باب غرفته، بمثل هذا الاسم "أبداً". لكن الغراب، وقد جلس وحيداً فوق هذا التمثال النصفى اللطيف، نطق فقط بهذه الكلمة الوحيدة، كما لو أن روحه فى هذه الكلمة الوحيدة التى قذف بها، دون غيرها بل ودون مجرد الهمهمة بعدها ولا حتى رفرفة ريشة - حتى أننى لم أقدر على أكثر من الهمهمة: "أصدقاء آخرون طاروا وغادروا من قبل - فى الغد سوف يرحل عني، كآمالى التى تلاشت من قبل". عندئذ قال الطائر "أبداً". وفوجئت لما انكسر السكون بردِّهِ المنطوق بشكل ملائم جداً، "بلا شك"، قلت "ما ينطقه هو ليس إلاّ المخزون المدخَر والمتحصل عليه من سيد حزين تطارده بسرعة نكبته القاسية وهى تطارده أسرع فأسرع حتى صارت أغنياته تحمل عبئاً واحداً - وحتى صارت التراتيل الحزينة لأمله تحمل عبئاً سوداوياً مقبضاً لا يتجاوز الإجابة الحزينة "أبداً - أبداً". لكن الغراب ما زال يغوى روحى الحزينة إلى الضحك والابتسام، قمت مباشرة بدفع المقعد المُوَسَّد أمام الطائر والتمثال النصفى والباب؛ غطست فى القطيفة الغائرة، ووجهتُ نفسى إلى ربط الخيال بالخيال، مفكراً ماذا يقصد هذا الطائر المشؤوم العتيق - ماذا يقصد هذا الطائر المشؤوم المتجهم، الأخرق الشاحب كالموت والكالح الكئيب والآتى من أيامى الماضية، ماذا يقصد بنعيبه هذا "أبداً". والآن، هأنذا جالس مشغول فى التخمين، لكن بدون الإفصاح عن أدنى مقطع أتلفظه إلى الطائر الذى حرقت الآن عيناه الناريتان المتقدتان صميم قلبي؛ هذا والأكثر من هذا جلوسى أتنبأ وأتكهن، ورأسى متكئة فى راحة على بطانة المسند المخملية التى فوقها يحدق بإعجاب ضوء المصباح، لكن بطانة من المخمل البنفسجى مع ضوء المصباح المحدق فوقها؛ ستضغط عليها، آه ، أبداً ! ثم، بدا لى أن الهواء صار كثيفاً بشدة، ومُعطَّراً بمبخرة غير مرئية يؤرجحها "ساروفيم"(2) يدُق بقدمه فوق الأرض المعشوشبة. "تعس وبائس"، صحت أنا، "ربك قد وهبك - بهذه الملائكة - إمهالاً وأعطاك السلوان، كى تخرج من ذكرياتك مع "لينور"؛ عليك أن تنغمس فى سلوان الرحمة هذا لكى تنسى هذه الفقيدة "لينور! "" قال الغراب "أبداً". "نبي"! قلت. "شيء من الشر!" - ما زال نبياً، سواء كان طائراً أو شيطاناً! - سواء شيطان مرسل، أو قذفتك العاصفة هنا على الشاطئ، وحيداً منبوذاً، حتى الآن ورغم كل ذلك فأنت لست خائفاً بل متمتعاً مفتوناً، فى هذه الأرض الصحراوية - وفى هذا البيت المليء بالرعب - قل لى الحقيقة، أتوسل إليك - هل هناك - بلسم فى جلعاد ؟ - اخبرنى - قل لي، أتوسل إليك !". قال الغراب، "أبداً". قلت: " نبي"، "بعض من الشر!" - ما زال نبياً - سواء كان طائراً أو شيطاناً! "بحق هذه السماء هذه المنحنية فوقنا بوضوح - بحق هذا الإله الذى نعبده كلانا - قل لهذه الروح الممتلئة بالأسى ما إذا، ضمن "عدن" البعيدة، كانت سوف تحتضن العذراء المقدسة التى تسميها الملائكة لينور - تحتضن العذراء النادرة والمتوهجة التى تسميها الملائكة لينور". قال الغراب، "أبداً". لتكن هذه علامة فراقنا، طائراً كنت أو شيطاناً! صرخت، وأنا أقفز فجأة، - عُد إلى العاصفة وليالى الشاطئ الجحيمي! ولا تدع ريشة سوداء تبقى هنا كأمارة لهذا الكذب الذى صدر عن روحك الخادعة! اترك وحدتى بلا اختراق! - لتهجر التمثال النصفى الذى فوق بابي! لتأخذ منقارك بعيداً خارج قلبي، واسحب جثتك إلى بعيد من أمام بابي! قال الغراب، "أبداً". والغراب ، لا يطير أبداً، لا يزال جالساً، لا زال جالساً فوق التمثال النصفى الشاحب لـ "بالاس" بالضبط فوق باب غرفتي؛ عيناه لهما كل ما لعينى الروح الحارسة الحالمة من مظهر، وضوء المصباح فوقه يعرض ظله المطروح فوق الأرض؛ وروحى خارج هذا الظل الذى يقبع طافياً فوق الأرض سوف ترفع، أبداً ! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 - إلهة الحكمة عند الإغريق، وتعرف أيضاً باسم "بالاس أثينا". 2 - أحد ملائكة الطبقة الأولى الحارسين عرش الله فى المعتقد اليهودى القديم. | |
|